التاريخ: 09/10/2016
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى الرسل أجميعن
أصحاب المعالي والسعادة،
السفراء الدائمين لدى منظمة التعاون الإسلامي أعضاء اللجنة التنفيذية؛
أصحاب السعادة ممثلي الدول الأعضاء؛
الأخوة والأخوات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بطلب هام من معالي الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير خارجية الكويت، رئيس المجلس الوزاري لأصحاب المعالي وزراء خارجية الدول الأعضاء في دورته الحالية، تعقد اللجنة التنفيذية للمنظمة على مستوى المندوبين الدائمين اجتماعها اليوم لمتابعة ما آلت إليه الأمور في الأزمة السورية التي تدخل عامها السادس. تدخل معه وقد تشرد ملايين السوريين بحثا عن ملاذ خارج بلادهم، أو لجوءا إلى أمن قد يتوفر في مناطق أخرى من بلدهم الممزق.
ويصر النظام السوري وحلفائه على مواصلة حربهم الضروس ضد المدنيين العزل، في تحدٍ سافرٍ للمواثيق والشرعية الدولية التي تحرم استهداف المدنيين وتدين استعمال القوة وسياسة القتل الممنهج لمواطنيهم من طرف الأنظمة الحاكمة.
وقد أكدت المنظمة على مختلف المستويات موقفها من الأزمة السورية منذ أن بدأت حركة سلمية تطالب بشيء من الإصلاح من نظام يمسك برقاب سوريا ومجتمعها وأهلها لنحو نصف قرن من الزمان. فقد أكدت منظمة التعاون الإسلامي في بيانات القمة الإسلامية والقرارات الوزارية إدانتها لسياسة القتل والخراب والتهجير التي يواجه بها النظام في دمشق الحراك السلمي والمطالب المشروعة للشعب السوري في الإصلاح والتغيير والمشاركة السياسية.
وقد أعرب البيان الختامي للدورة الثالثة عرش لمؤتمر القمة الإسلامي، المنعقد بإسطنبول يومي 14 و15 أبريل 2016، عن قلقه العميق إزاء تواصل العنف وسفك الدماء في الجمهورية العربية السورية، مؤكدا على ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا واستقلالها وسيادتها وسلامتها الإقليمية.
كما جدد البيان الختامي لقمة اسطنبول دعمه لإيجاد تسوية سياسية للنزاع على أساس بيان جنيف وللعملية السياسية برعاية الأمم المتحدة بغية تنفيذ عملية انتقال سياسي يقودها السوريون ويمتلكون زمامها، تمكّن من بناء دولة سورية جديدة على أساس نظام تعددي، ديمقراطي، مدني قائم على مباديء المساواة أمام القانون وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.
السادة المندوبون الدائمون،
الأخوة والأخوات ،
في حين يواصل المجتمع الدولي بما في ذلك منظمة التعاون الإسلامي بيانات الإدانة والاستنكار، يصر النظام السوري وحلفاؤه على تطبيق سياسة الأرض المحروقة واستعمال كل أنواع الأسلحة بما في ذلك تلك المحرمة دوليا، بوتيرة لا وصف لها سوى كونها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد المواطنين السوريين في منازلهم ومدنهم وقراهم، ولم تسلم من ذلك حتى المستشفيات والمدارس.
والمجتمع الدولي مطالب بأن يُعَبِّر حقا عن كينونته كمجتمع دولي. فما بدأ كمطلب شعبي للإصلاح أضحى كارثة إنسانية على يد نظام لا حّدَّ لشراسته وقدرته على القتل والترويع والتدمير. واستمر النظام في تجاوزاته للشرعية الدولية، وللمعايير الإنسانية؛ وقوى العالم في نقاش لا نهاية له حول المخارج المحتملة للأزمة التي أضحت فصلا على مسرح الصراع الدولي يدفع السوريون وسوريا ثمنه. وباتت سوريا فصلا آخر في مسلسل التمزق والانقسام والاقتتال في المنطقة.
فأوربا واتحادها لا يكاد يتعدى جهدها ما تقوم به منظمات المجتمع المدني من جهد إنساني، دونما وزن سياسي محسوس. والولايات المتحدة الأمريكية تنظر من على بعد، تتحدث عن عقوبات اقتصادية على مجرمي الحرب، وتنشغل بحملات رئاسةٍ تنغمس في أخلاقيات مرشحيها.
كما نجد روسيا الاتحادية الدولة العضو المراقب في المنظمة، لا تفتأ عن إعانة نظام دمّر وطنه وأهلك مواطنيه. كل ذلك تحت تعلة مكافحة الإرهاب. بينما لا يؤدي القصف الوحشي وسياسية التجويع إلا إلى لجوء المواطن السوري لمثل تلك المنظمات بحثا عن لقمة وأمل في الحياة وبذلك تستمر الدائرة المغلقة حينما يوصم ذلك المواطن البسيط بأنه إرهابي، تبريرا لمزيد من القصف والدمار.
لقد تحولت السياسة الروسية في المنطقة منذ 30 سبتمبر 2015 إلى حملات جوية كثيفة تحت غطاء محاربة الإرهاب، وبدلا من مهاجمة المناطق الخاضعة للمنظمات الإرهابية، ركّزت هذه الغارات الجوية على معاقل المعارضة المعتدلة، وبالتالي دفع تلك المجموعات للبحث عن مصادر وتحالفات تشد من أزرها مع بعض الجماعات المتطرفة. وهكذا خلق تبرير بأن الجميع – كل المعارضة – هي حركات إرهابية متطرفة.
الأزمة لم تخلق الإرهاب بل التعامل العسكري الأمني الظالم للنظام ومؤيديه هو الذي أوجد البيئة الملائمة لذلك مثلما فعل الغزو الأمريكي للعراق، وأفغانستان؛ في استراتيجية روسية لا تختلف عن الحملات الروسية في الشيشان بين 1999 – 2009 حيث حوصرت ودمرت المدن ومن فيها.
والسؤال هل بدأت المعارضة السورية كحركة إرهاب؟ هل كانت جبهة النصرة وجيش الإسلام، وأحرار الشام، وراء التحرك الشعب في إدلب؟.
ولعل أصحاب المعالي وزراء الخارجية ينظرون في اجتماعهم الدوري القادم في طشقند بأوزبكستان، في كيف يمكن الموائمة بين منح صفة العضو المراقب لدولة تُشرّعن لنفسها مثل هذا النهج العدائي السافر.
الأخوة والأخوات،
نحن نعتقد أن على المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن الذي فشل ليلة أمس بسبب الفيتو الروسي أن يتحمل مسؤولياته ويتخذ كل التدابير العاجلة لوقف عمليات الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب السوري خاصة في منطقة حلب. وتطبيق تدابير عقابية ضد نظام الأسد ومحاكمته ومسؤوليه عما يرتكبونه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تجاه الشعب السوري.
كما يجب إقرار وقف فوري للأعمال العدائية من قصف وقتل وتخريب التي يقوم بها النظام السوري وحلفاؤه وإقرار هدنة فورية لتمكين قوافل الإغاثة الإنسانية من ايصال المواد المعيشية والأدوية للسكان في المناطق المحاصرة في حلب وغيرها من المدن والقرى السورية.
كما نحدد مطالبتنا المجتمع الدولي والدول الفاعلة للضغط على النظام السوري وإجباره على قبول حل سياسي للأزمة السورية في إطار قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
يبقى أن نذكر أيضا إن على دول المنظمة مسؤولية كبرى للوصول إلى صيغة تعايش تأخذ في الاعتبار احترام المصالح وتبادل المنافع والكف عن استخدام المذهب أداة لتوسيع النفوذ السياسي. ونأمل أن تكون مبادرة التقارب الإسلامي التي أطلقتها قمة اسطنبول جسرا للوصول إلى صيغة مثل هذه، إذ لا يمكن أن تستمر هذه المجموعة التي تشمل 57 دولة دونما تأثير على العملية السياسية ودونما إرادة مستقلة.
أيها الأخوة والأخوات،
نلتقي هنا لا للتأكيد على مواقف انفرادية، ولا انطلاقا من غيوم قد تغلِّف العلاقات الثنائية لكن من منطق البحث عن موقف مشترك يعبر عن إرادة الأمة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قضايا متعلقة: سوريا